الانتفاضة اللبنانية واستلهام انتفاضة أيار الفرنسية عام 1968

  • 3 years ago
تذكر الاحتجاجات الشبابية في الشوارع اللبنانية بما حدث في فرنسا قبل أكثر من خمسين عاما
في أيار من عام ثمانية وستين تفجرت انتفاضة طالبية، لم تكن مجرد مرحلة تاريخية عابرة علا فيها صوت الشباب الثائر على القيود التي تكبله فحطمها، بل كانت محطة مهمة وانتفاضة غيرت وجه البلد تماما ولا تزال آثارها وتبعاتها ممتدة إلى اليوم.
انفجرت هذه الانتفاضة نتيجة تراكمات فرضتها ظروف محلية ودولية مهمة على المستويين السياسي والاقتصادي منذ مطلع الستينيات.
لكن المفاجأة كانت أن التمرد لم ينطلق في صفوف العمال بل من بين الطلاب، وبدأ على أساس المطالبة بالحريات وبخاصة الشعاران "منع الممنوع" و"لا تعطني حريتي سأتولى الأمر بنفسي"! ثم رفعت الشعارات الاقتصادية.
وكثيرا ما وصفت تلك الانتفاضة بمجرد "تمرد طالبي" تقوده بطريقة مراهقة روح التمرد والعفوية لدى الشباب، والى جانبهم عمال يطالبون بأجور أعلى وببعض الإصلاحات الإدارية. لكن الحقيقة أن انتفاضة أيار ثمانية وستين كانت أضخم وأهم من تمرد وحسب أو مطالب برفع الأجور، فقد شهدت انضمام أبرز المثقفين والفنانين من أمثال «جان بول سارتر» و«سيمون دي بوفوار» و«جيل دولوز» و«جان لوك غودار» إلى صفوف الطلاب والعمال، ومثلت معارضة جذريا لسلطة «شارل ديغول» الأبوية والأحزاب الثورية التقليدية على السواء، والرأسمالية والبيروقراطية الحزبية معا، وللمديرين والنقابيين، ولمجتمع أفرغته السلع من القيمة وأماتت حيويته وواقعيته، ومن أجل عالم خال من الاستلاب الرأسمالي عرفه الطلاب والعمال في الشوارع وأماكن العمل أسابيع قليلة، وظنوه ممكنا على الدوام.
كان حدثا فارقا لم تعد الرؤية القديمة للعالم قبله هي نفسها بعده. واذا كان ما يميز انتفاضة الشباب في لبنان عن مثيلتها الفرنسية هو تمسك الاولى بسلمية تحركها وتظاهراتها.

Recommended